{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} يعني عبدَ الله بن أبي بن سلول وأصحابَه، {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروا. {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} سترة، {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} منعوا الناس عن الجهاد والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.{إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا} أقروا باللسان إذا رأوا المؤمنين، {ثُمَّ كَفَرُوا} إذا خلوا إلى المشركين، {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} بالكفر، {فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} الإيمان. {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} يعني أن لهم أجسامًا ومناظر، {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} فتحسب أنه صدق، قال عبد الله بن عباس: كان عبد الله بن أبي جسيمًا فصيحًا ذلق اللسان، فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله. {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام. قرأ أبو عمرو والكسائي: {خُشْب} بسكون الشين، وقرأ الباقون بضمها.{مُسَنَّدَةٌ} ممالة إلى جدار، من قولهم: أسندت الشيء، إذا أَمَلْتُه، والتثقيل للتكثير، وأراد أنها ليست بأشجار تثمر، ولكنها خشب مسندة إلى حائط، {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أي لا يسمعون صوتًا في العسكر بأن نادى منادٍ أو انفلتت دابة وأنشدت ضالة، إلا ظنوا- من جبنهم وسوء ظنهم- أنهم يرادون بذلك، وظنوا أنهم قد اتوا، لما في قلوبهم من الرعب.وقيل: ذلك لكونهم على وجل من أن ينزل الله فيهم أمرا يهتك أستارهم ويبيح دماءهم ثم قال: {هُمُ الْعَدُوُّ} وهذا ابتداء وخبره، {فَاحْذَرْهُمْ} ولا تأمنهم، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} لعنهم الله {أَنَّى يؤْفَكُونَ} يصرفون عن الحق.